• مرحبًا بكم في منتديات الغلا!
    أهلا ومرحبا بكم في مجتمعنا أنت حاليا تشاهد المعهد كزائر و التي لاتعطيك سوى خيارات التصفح ال محدودة الاشتراك لدينا مجاني ولايستغرق سوى لحظات قليلة حتى تتمكن من المشاركة والتفاعل معنا...

دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وهو في عريشه ببدر

اعلانات المنتدى

Untitled 2

كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتفقد الرجال، وينظم الصفوف، ويذكر بالله، واليوم الآخر، ثم يعود إلى العريش الذي هيئ له، فيستغرق في الدعاء الخاشع، ويستغيث بإمداد الرحمن[1].



روى مسلم في صحيحه من حديث عمر بن الخطاب قال: لما كان يوم بدر نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المشركين، وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلاً، فاستقبل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - القبلة، ثم مد يديه فجعل يهتف بربه: "اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض" فما زال يهتف بربه ماداً يديه، مستقبل القبلة، حتى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر، فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، وقال يا نبي الله! كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك[2].. الحديث.



وذكر البخاري روايتين في هذا المعنى:

الأولى: من طريق ابن عباس قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر: "اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تُعبد"، فأخذ أبوبكر بيده، فقال: حسبك، فخرج وهو يقول: ﴿ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ ﴾[3].



والثانية: فيها زيادة كلمة "لم تعبد بعد اليوم أبداً"، وزيادة بعد كلمة حسبك، "يا رسول الله، فقد ألححت على ربك"[4].



قال السهيلي: وفي هذا الحديث من المعاني أن يقال: كيف جعل أبو بكر يأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالكف عن الاجتهاد في الدعاء، ويقوي رجاءه ويثبته، ومقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو المقام الأحمد، ويقينه فوق يقين كل أحد، فسمعت شيخنا الحافظ[5] – رحمه الله - يقول في هذا: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مقام الخوف، وكان صاحبه في مقام الرجاء، وكلا المقامين سواء في الفضل، لا يريد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - والصديق سواء، ولكن الرجاء والخوف مقامان لا بد للإيمان منهما، فأبو بكر كان في تلك الساعة في مقام الرجاء لله، والنبي – عليه السلام - كان في مقام الخوف من الله، لأن لله أن يفعل ما شاء، فخاف أن لا يعبد في الأرض بعدها، فخوفه ذلك عبادة، وأما قاسم بن ثابت فذهب في معنى الحديث إلى غير هذا، وقال: إنما فعل ذلك الصديق مأْويَّةً للنبي - صلى الله عليه وسلم - ورقة عليه، لما رأى من نصبه في الدعاء والتضرع حتى سقط الرداء عن منكبيه، فقال له: "بعض هذا يا رسول الله"، أي لِم تتعب نفسك هذا التعب، والله قد وعدك بالنصر، وكان رقيق القلب شديد الإشفاق على النبي - صلى الله عليه وسلم - [6].



روى الطبراني من حديث ابن مسعود قال: ما سمعنا مناشداً أنشد حقاً له، أشد مناشدة من محمد - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر، جعل يقول: "اللهم إني أنشدك ما وعدتني، اللهم إنك إن تهلك هذه العصابة لا تُعبد" ثم التفت كأن وجهه القمر، فقال: "كأنما أنظر إلى مصارع القوم [عشية]"[7].



قال ابن جرير: "وإنما قال ذلك لأنه علم أنه خاتم النبيين، فلو هلك هو ومن معه حينئذ لم يبعث أحد ممن يدعو إلى الإيمان، ولاستمر المشركون يعبدون غير الله، فالمعنى لا يعبد في الأرض بهذه الشريعة"[8]. اهـ، وقال في موضع آخر: "وقال الخطابي: لا يجوز أن يتوهم أحد أن أبا بكر كان أوثق بربه من النبي - صلى الله عليه وسلم - في تلك الحال، بل الحامل للنبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك شفقته على أصحابه، وتقوية قلوبهم، لأنه كان أول مشهد شهده، فبالغ في التوجه والدعاء والابتهال؛ لتسكن نفوسهم عند ذلك؛ لأنهم كانوا يعلمون أن وسيلته مستجابة، فلما قال له أبو بكر ما قال كف عن ذلك، وعلم أنه استجيب له لما وجد أبو بكر في نفسه من القوة والطمأنينة، فلهذا عقب بقوله: ﴿ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ ﴾. اهـ، ملخصاً، وقال غيره: وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - في تلك الحال في مقام الخوف، وهو أكمل حالات الصلاة، وجاز عنده أن لا يقع النصر يومئذ، لأن وعده بالنصر لم يكن معينًا لتلك الوقعة، وإنما كان مجملاً هذا الذي يظهر. وزل من لا علم عنده ممن ينسب إلى الصوفية في هذا الموضع زللاً شديداً، فلا يلتفت إليه، ولعل الخطابي أشار إليه"[9].



وروى الطبري في تفسيره من حديث ابن عباس قال: قام النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "اللهم ربنا أنزلت علي الكتاب، وأمرتني بالقتال، ووعدتني بالنصر، ولا تخلف الميعاد!" فأتاه جبريل – عليه السلام – فأنزل الله: ﴿ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ ﴾ [آل عمران: 124-125] [10].



وروى البيهقي من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: لما كان يوم بدر قاتلت شيئاً من قتال، ثم جئت مسرعاً لأنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما فعل، قال: فجئت فإذا هو ساجد يقول: "يا حي يا قيوم، يا حي يا قيوم" لا يزيد عليها، فرجعت إلى القتال، ثم جئت وهو ساجد يقول ذلك، ثم ذهبت إلى القتال، ثم جئت وهو ساجد يقول ذلك، فلم يزل يقول ذلك حتى فتح الله عليه[11].



قال السهيلي: وأما شدة اجتهاد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونصبه في الدعاء؛ فإنه رأى الملائكة تنصب في القتال، وجبريل على ثناياه الغبار، وأنصار الله يخوضون غمار الموت، والجهاد على ضربين: جهاد بالسيف، وجهاد بالدعاء، ومن سنة الإمام أن يكون وراء الجند لا يقاتل معهم، فكان الكل في اجتهاد وجد، ولم يكن ليريح نفسه من أحد الجدين والجهادين، وأنصار الله، وملائكته يجتهدون، ولا ليؤثر الدعة، وحزب الله مع أعدائه يجتلدون[12].



وأما أحوال النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة بدر، فإنه كان تارة بالعريش يرفع يديه، ويبتهل إلى الله بالدعاء بنصر المسلمين، وتارة يقاتل بنفسه، ويجالد أعداء الله.



روى الإمام أحمد في مسنده من حديث علي - رضي الله عنه - أنه قال: لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو أقربنا إلى العدو، وكان من أشد الناس يومئذ بأساً. وتارة يرص الصفوف، ويحرض الناس على القتال، ويبشرهم بالنصر.



هذا وقد التقت الفئتان، وتقابل الفريقان، وحضر الخصمان بين يدي الرحمن، واستغاث بربه سيد الأنبياء، وضج الصحابة بصنوف الدعاء إلى رب الأرض، والسماء، سامع الدعاء، وكاشف البلاء، فكان أول من قتل من المشركين الأسود بن عبد الأسد المخزومي.


 

admin

Administrator
طاقم الإدارة
الله يجزاك خير يا صمتها
و يجعل هالموضوع في ميزان أعمالك

شكرا لك
^_^
 
أعلى